زهد عمر


-        قال عتبة بن فرقد: قدمت على عمر- رضوان الله عليه- بسلال خبيص عظام ما ألوان أحسن وأجيد.
فقال: ما هذه؟
قلت: طعام أتيتك به.
فقال: تقضي حاجات الناس أول النهار, فأحببت إن رجعت أن ترجع إلى طعام فتصيب منه فيقويك.
قال: فكشف عن سلة منها.
فقال: عزمت عليك يا عتبة إذا رجعت إلا رزقت كل رجل من المسلمين مثله.
فقال: والذي يُصلِحك يا أمير المؤمنين لو أنفقت مال قيس كلها ما وسع ذلك.
قال: ولا حاجة لي فيه, ثم دعا بقصعة من خبز جريش ولحم غليظ, وهو يأكل معي أكلاً شهيًّا فجعلت أهوي إلى القصعة البيضاء أحسبها سناماً, فإذا هي عصبة, والبضعة من اللحم أمضغها فلا أسيغها, فإذا غفل عني جعلتها بين الخوان والقصعة ثم دعا بعس من نبيذ قد كاد يكون خلاً.
[عس: العس القدح العظيم].
فقال: اشرب, فأخذته, وما أكاد أسِيغه ثم أخذه فشرب.
ثم قال: اسمع يا عتبة إنا ننحر كل يوم جزوراً فأما ودكها وأطيبها فلمن حضرنا من آفاق المسلمين, وأمَّا عنقها فلآل عمر يأكل هذا اللحم الغليظ ويشرب هذا النبيذ قطعه من بطوننا أن يؤدي بنا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

سيتم مراجعة التعليقات قبل نشرها وحذف التعليقات غير اللائقة