-
كانت أول مشكلة عُرضت في وجه الصديق- بعد خلافته-
تنفيذ بعث أسامة- رضي الله عنه-.
فقد بعث النبي صلّى الله عليه
وسلّم أسامة إلى غزو الروم, وكان تجهيز جيش أسامة قبل وفاته صلّى الله عليه وسلّم
بيومين, فلما ازداد به المرض قام, وأمر بتجهيز الجيش ولحق النبي صلّى الله عليه
وسلّم بربه, فعَظَم الخطب, واشتد البلاء, وظهر النفاق, وارتدت أحياء من العرب حول
المدينة, وامتنع آخرون عن دفع الزكاة.
وعندما وقعت هذه المصائب أشار
كثير من الناس على أبي بكر- رضي الله عنه- بعدم إرسال جيش أسامة, وكان ممَّن أشار
بهذا عمر- رضي الله عنه-, فرفض الصديق وأبى أشد الإباء.
وقال كلمته القاطعة: (والله لا
أَحِلُّ عُقدة عقدها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم, ولو أنَّ الطير تخطفنا
والسباع من حول المدينة, ولو أنَّ الكلاب جرت بأرجل أمهات المؤمنين, لأجهزنَّ جيش
أسامة).
ثم إن البعض أشار عليه أن يُرسل
أميراً للجيش أسن من أسامة. فغضب إذ كيف يُغيِّر شيئاً أمضاه رسول الله صلّى الله
عليه وسلّم.
[ أسن: أكبر سنًّا]
وخرج الصديق يُشيّع الجيش,
ويُودِّع أسامة ويوصيه, وأبو بكر- رضي الله عنه- يسير على قدميه, وأسامة راكباً.
فقال له أسامة: يا خليفة رسول الله ,
إمَّا أن تركب, وإمَّا أن أنزل.
فقال أبو بكر: والله لستُ
براكب, ولستَ بنازل, وما عليَّ أن أغبِّر قدمي ساعة في سبيل الله.
واستأذن الصديق- رضي الله عنه-
من أسامة لعمر بن الخطاب- رضي الله عنه- فأذن له.
وكان خروج أسامة إلى الروم بأرض
الشام, في ذلك الوقت من أكبر المصالح, فساروا لا يمرون بحي من أحياء العرب إلا
هابوهم وخافوهم وقالوا: ما خرج هؤلاء القوم إلا وبهم منعة شديدة, وسنتركهم حتى
يلقوا الروم.
فلقوا الروم فهزموهم وقتلوهم,
وبقوا أربعين يوماً- وقيل: سبعين يوماً-, ثم أتوا سالمين غانمين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
سيتم مراجعة التعليقات قبل نشرها وحذف التعليقات غير اللائقة